عالم الطالب:HOURIA ADIB الصورة من الأرشيف
نظرات حيرتني، يزعجني
الفضول لا أعرف في ماذا يفكرون؟ ماهي انطباعاتهم؟ لماذا يحدقون بي هكذا؟ مند أن
دخلت المقهى الشعبي وطلبت من بائع السمك المشوي أن يمدني بطبق سمك ،جلست أنتظرها
بشوق"الشواية" ولم يكن جلوسي وحيدة في المقهى مبرمج في يوميتي،ولست
معتادة على الجلوس في المقهى بمدينتي وإنما رغبة فاجأتني عندما جذبتني رائحة السمك
المشوي. دخلت بدون وعي وعندما جلست حضر الوعي، أي نعم حضر!، وبدأت أحدق من حولي
ألاحظ نظرات غريبة من طرف الزبناء الذين يأكلون السمك وتساءلت هم يأكلون أنا ايضا
لدي نفس الرغبة إذا لماذا ينظرون إلي وأفواههم تتمتم؟نظرت إلى وضعية جلوسي إني
جالسة مستقيمة! تفقدت ملابسي, هيئتي أنيقة إذا ما الخطب؟أين المشكل؟ تظاهرت أني
غير مبالية وأنظر إلى هاتفي كل لحظة شعرت فيها بالضيق،تخلخلت أفكاري واضطربت
افتراضاتي ونظرت إلى الجميع لأفهم مغزى تلك النظرات، إنها نظرات فضولية تساؤلية،
من هي هذه الفتاة؟ربما ليست من قاطنات المدينة لأن فتيات المدينة لا يجلسن في
المقاهي وحدهن ربما عار أو عيب،لماذا تجلس وحدها؟قد تكون في انتظار صديقها او
زوجها او احد أقربائها أو أصدقائها،نظرات فتاتين برفقة عائلتهن توحي إلى أن هذه
الفتاة لديها جرأة تجلس وتأكل وحدها في المقهى،نظرات شاب اخر تجاهلتها لأني ظننته
سيقترب مني ويستغل جلوسي وحدي ويطلب رقم هاتفي هههه أو ربما يتساءل من أنا؟لم أهتم
بما يجول في ذهنه ولكنه يتساءل لماذا لا تنظر إلي وتنظر إلى الاخرين؟ سأجيبك لأنك
وحدك ولا أريدك أن تتحرش بي،نتابع جلست 15 دقيقة وقدم لي النادل الأكل وهو الاخر
ينظر إلي يتساءل هذه زبونة جديدة لم أرها من قبل؟لا يا أخي أكلت عدة مرات في هذه
المقهى رفقة صديقاتي اهتم بعملك وكفى من تلك النظرات الغريبة.شرعت في الأكل وانا
أحلل ما استنتجته من ملاحظاتي،أعتقد أن طبيعة الثقافة والنظرة الدونية للمرأة
عموما تعتبر أن وجود البنت وحدها بمكان عمومي عيب يمس بشرفها، ويزعزع الكيان
الثقافي الذي يرى أن مكان الفتاة الأصلي والوحيد هو المنزل، فخروجها لوحدها يشكل
خطورة عليها يمكن ان تتعرض للتحرش أو العنف وقد لاحظت هذا الأمر أثناء جلوسي هناك
تحرش رمزي اي بالنظرات،ولكن يمكن للفتات أن تحارب هذا التحرش فهي أيضا إنسان له
روح له شخصية إذا لا مشكل في ان تخرج وحدها. هذا جانب المستوى الثاني نجد أن الاخر
لا يتقبل المرأة وهي تحقق نجاحات سياسية ثقافية اجتماعية...لأنه يرى أنها تنافسه
ستأخذ مكانته في المجتمع أو بالأحرى ستتقاسم معه قيمته في هذه الحياة فما بالك أن
يتقبل فتاة تجلس لوحدها في المقهى أليس من حقها؟ انت لك الحق أن تمرح تتجول تجلس
وهي لا!!!!تلقائيتي أحيانا في فعل أشياء تجعلني أراها بمنطق اخر بمنطق ذكوري أتخيل
نفسي في وضعيته وأتوصل إلى جواب واحد أنا كذلك لدي الحق في هذه الحياة،مجموعة من
الممارسات الإجتماعية يتقيد بها الرجل ولا تحق للمرأة رغم أنها مسألة طبيعية أن
تخرج للتسوق مثلا ونحن نعلم أن المغرب في الخمسينيات أو أكثر من القرن الماضي كان
لا يحق للمرأة الخروج للسوق وكان خروجها مقتصرا على الذهاب لحمام "الحومة"
أو زيارة الولي الصالح في المواسم...أما الان فهي تمارس نشاطات اجماعية أخرى
كممارسة الرياضة الحضور لندوات والجلوس في أماكن عمومية...وهذه النشاطات كانت
محتكرة من قبل على الرجل فقط. وتجدر الإشارة في هذه النقطة إلى أن طبيعة أناس
المدينة يتظاهرون بأنهم محافظون والحقيقة في عتمة ظلمات المدينة تصبح المفضوحات من
الأخبار العاجلة تتداول في المقاهي في المدارس في المساجد في البيوت في
جماعة" ديال لعيالات حدى ديور"في "راس درب بين جوان
والبييررا"...وكما يقول المثل الشعبي الإفناوي "جدريال دجاوي كاتبخر
المدينة"،يترقبون حدوث فضيحة جديدة أو عرس أو طلاق أو توظيف... للحديث عن
البنت الإفناويةوما يجب ان تفعل وما لا تفعل وفق ميكانيزمات اعتقادية ثابتة ترفض
التغيير،عقولهم المتحجرة تعتقد أن الفتاة سلعة تباع وتشترى في سوق الزواج
فقط،والقليل من ينظر إليها كإنسانة ذو مؤهلات وتتمتع بالحرية في فعل ما تشاء بشرط
المحافظة على القيم النبيلة. ولم تتحرر بعد العقول من أوهام الأحكام المسبقة
والإيديولوجيات التي تمجد التخلف الأنثوي ودونية المرأة واختزال دورها في المطبخ
والفراش.هذا لا يعني أن الإفناويين لا يحترمون كرامة المرأة بالعكس فهم من
الغيورين عن المرأة البعمرانية والإفناوية لكن ملاحظتي الشخصية هي مسح الغبار على
الذاكرة الانثربلوجية وإعادة صياغة ثقافة تقدر المرأة وتتقبل اختياراتها تنصف
الجميع وتحارب القهر الإجتماعي ولوا كان قهرا بنظرات يوبخ الشرف ويقتل الحرية
الفردية بقذائف حزب الهيمنة الذكورية....وللكلام بقية مع فضول سوسيولوجي جديد وقلق
فكري عنيد وشكرا
